ذلك عامة قراء أهل المدينة والكوفة: مساجد الله على الجمع. وقرأ ذلك بعض المكيين والبصريين: مسجد الله على التوحيد، بمعنى المسجد الحرام. وهم جميعا مجمعون على قراءة قوله: مساجد الله على الجمع، لأنه إذا قرئ كذلك احتمل معنى الواحد والجمع، لان العرب قد تذهب بالواحد إلى الجمع وبالجمع إلى الواحد، كقولهم:
عليه ثوب أخلاق. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين) *.
يقول تعالى ذكره: إنما يعمر مساجد الله المصدق بوحدانية الله، المخلص له العبادة واليوم الآخر، يقول: الذي يصدق ببعث الله الموتى أحياء من قبورهم يوم القيامة، وأقام الصلاة المكتوبة بحدودها، وأدى الزكاة الواجبة عليه في ماله إلى من أوجبها الله له. ولم يخش إلا الله يقول: ولم يرهب عقوبة شئ على معصيته إياه سوى الله. فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين يقول: فخليق بأولئك الذين هذه صفتهم أن يكونوا عند الله ممن قد هداه الله للحق وإصابة الصواب.
12858 - حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر يقول: من وحد الله. وآمن باليوم الآخر يقول: أقر بما أنزل الله. وأقام الصلاة يعني الصلوات الخمس. ولم يخش إلا الله يقول: ثم لم يعبد إلا الله، قال: فعسى أولئك يقول: إن أولئك هم المفلحون، كقوله لنبيه: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا يقول: إن ربك سيبعثك مقاما محمودا، وهي الشفاعة، وكل عسى في القرآن فهي واجبة.
12859 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: ثم ذكر قول قريش: إنا أهل الحرم، وسقاة الحاج، وعمار هذا البيت، ولا أحد أفضل منا فقال: إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر: أي إن عمارتكم ليست على ذلك، إنما يعمر مساجد الله: أي من عمرها بحقها، من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم