المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسروا يوم بدر يعيرونهم بالشرك، فقال العباس: أما والله لقد كنا نعمر المسجد الحرام، ونفك العاني، ونحجب البيت، ونسقي الحاج فأنزل الله: أجعلتم سقاية الحاج... الآية.
فتأويل الكلام إذن: أجعلتم أيها القوم سقاية الحاج، وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله، لا يستوون هؤلاء وأولئك، ولا تعتدل أحوالهما عند الله ومنازلهما لان الله تعالى لا يقبل بغير الايمان به وباليوم الآخر عملا.
والله لا يهدي القوم الظالمين يقول: والله لا يوفق لصالح الأعمال من كان به كافرا ولتوحيده جاحدا. ووضع الاسم موضع المصدر في قوله: كمن آمن بالله إذ كان معلوما معناه، كما قال الشاعر:
لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللحى ولكنما الفتيان كل فتى ندي فجعل خبر الفتيان أن، وهو كما يقال: إنما السخاء حاتم والشعر زهير. القول في تأويل قوله تعالى:
* (الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون) *.
وهذا قضاء من الله بين فرق المفتخرين الذين افتخر أحدهم بالسقاية، والآخر بالسدانة، والآخر بالايمان بالله والجهاد في سبيله. يقول تعالى ذكره: الذين آمنوا بالله:
صدقوا بتوحيده من المشركين، وهاجروا دور قومهم، وجاهدوا المشركين في دين الله بأموالهم وأنفسهم، أعظم درجة عند الله وأرفع منزلة عنده من سقاة الحاج وعمار المسجد الحرام وهم بالله مشركون. وأولئك يقول: وهؤلاء الذين وصفنا صفتهم أنهم آمنوا وهاجروا وجاهدوا وهم الفائزون بالجنة الناجون من النار. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم) *.
يقول تعالى ذكره: يبشر هؤلاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله ربهم