يقول تعالى ذكره: ولو أراد هؤلاء المستأذنوك يا محمد في ترك الخروج معك لجهاد عدوك الخروج معك. لأعدوا له عدة يقول: لأعدوا للخروج عدة، ولتأهبوا للسفر والعدو أهبتهما. ولكن كره الله انبعاثهم يعني: خروجهم لذلك. فثبطهم يقول:
فثقل عليهم الخروج حتى استخفوا القعود في منازلهم خلافك، واستثقلوا السفر والخروج معك، فتركوا لذلك الخروج. وقيل اقعدوا مع القاعدين يعني: اقعدوا مع المرضى والضعفاء الذين لا يجدون ما ينفقون ومع النساء والصبيان، واتركوا الخروج مع رسول الله (ص) والمجاهدين في سبيل الله. وكان تثبيط الله إياهم عن الخروج مع رسوله (ص) والمؤمنين به، لعلمه بنفاقهم، وغشهم للاسلام وأهله، وأنهم لو خرجوا معهم ضروهم ولم ينفعوا. وذكر أن الذين استأذنوا رسول الله (ص) في القعود كانوا عبد الله بن أبي ابن سلول، والجد بن قيس، ومن كان على مثل الذي كانا عليه. كذلك:
13034 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان الذين استأذنوه فيما بلغني من ذوي الشرف منهم عبد الله بن أبي ابن سلول، والجد بن قيس، وكانوا أشرافا في قومهم، فثبطهم الله لعلمه بهم أن يخرجوا معهم فيفسدوا عليه جنده.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولا وضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) *.
يقول تعالى ذكره: لو خرج أيها المؤمنون فيكم هؤلاء المنافقون، ما زادوكم إلا خبالا يقول: لم يزيدوكم بخروجهم فيكم إلا فسادا وضرا ولذلك ثبطتهم عن الخروج معكم. وقد بينا معنى الخبال بشواهده فيما مضى قبل. ولأوضعوا خلالكم يقول:
ولأسرعوا بركائبهم السير بينكم. وأصله من إيضاع الخيل والركاب، وهو الاسراع بها في السير، يقال للناقة إذا أسرعت السير: وضعت الناقة تضع وضعا وموضوعا، وأوضعها صاحبها: إذا جد بها وأسرع يوضعها إيضاعا ومنه قول الراجز:
يا ليتني فيها جذع * أخب فيها وأضع