وقوله: إنه هو السميع العليم يعني بذلك: إن الله الذي تتوكل عليه سميع لما تقول أنت، ومن تسالمه وتتاركه الحرب من أعداء الله وأعدائك عند عقد السلم بينك وبينه، ويشرط كل فريق منكم على صاحبه من الشروط، والعليم بما يضمره كل فريق منكم للفريق الآخر من الوفاء بما عاقده عليه، ومن المضمر ذلك منكم في قلبه والمنطوي على خلافه لصاحبه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) *.
يقول تعالى ذكره: وإن يرد يا محمد هؤلاء الذين أمرتك بأن تنبذ إليهم على سواء، إن خفت منهم خيانة، وبمسالمتهم إن جنحوا للسلم خداعك والمكر بك فإن حسبك الله يقول: فإن الله كافيكهم وكافيك خداعهم إياك، لأنه متكفل بإظهار دينك على الأديان ومتضمن أن يجعل كلمته العليا وكلمة أعدائه السفلى. هو الذي أيدك بنصره يقول: الله الذي قواك بنصره إياك على أعدائه، وبالمؤمنين يعني بالأنصار.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12618 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: وإن يريدوا أن يخدعوك قال: قريظة.
12619 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو من وراء ذلك.
12620 - حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن المفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: هو الذي أيدك بنصره قال: بالأنصار. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم) *.
يريد جل ثناؤه بقوله: وألف بين قلوبهم وجمع بين قلوب المؤمنين من الأوس والخزرج بعد التفرق والتشتت على دينه الحق، فصيرهم به جميعا بعد أن كانوا أشتاتا، وإخوانا بعد أن كانوا أعداء.