بكرامة الله، أبشر برضوان الله فيقول مثلك من يبشر بالخير ومن أنت؟ فيقول: أنا القرآن الذي كنت أسهر ليلك، وأظمئ نهارك. فيحمله على رقبته، حتى يوافي به ربه، فيمثل بين يديه، فيقول: يا رب عبدك هذا اجزه عني خيرا، فقد كنت أسهر ليله، وأظمئ نهاره، وآمره فيطيعني، وأنهاه فيطيعني فيقول الرب تبارك وتعالى: فله حلة الكرامة فيقول: أي رب زده، فإنه أهل ذلك فيقول: فله رضواني قال: ورضوان من الله أكبر.
وابتدئ الخبر عن رضوان الله للمؤمنين والمؤمنات أنه أكبر من كل ما ذكر جل ثناؤه، فرفع، وإن كان الرضوان فيما قد وعدهم، ولم يعطف به في الاعراب على الجنات والمساكن الطيبة، ليعلم بذلك تفضيل الله رضوانه عن المؤمنين على سائر ما قسم لهم من فضله وأعطاهم من كرامته، نظير قول القائل في الكلام الآخر أعطيتك ووصلتك بكذا، وأكرمتك، ورضاي بعد عنك أفضل ذلك.
ذلك هو الفوز العظيم هذه الأشياء التي وعدت المؤمنين والمؤمنات، هو الفوز العظيم، يقول: هو الظفر العظيم والنجاء الجسيم، لأنهم ظفروا بكرامة الأبد، ونجوا من الهوان في السفر، فهو الفوز العظيم الذي لا شئ أعظم منه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) *.
يقول تعالى ذكره: يا أيها النبي جاهد الكفار بالسيف والسلاح والمنافقين.
واختلف أهل التأويل في صفة الجهاد الذي أمر الله نبيه به في المنافقين، فقال بعضهم: أمره يجاهدهم باليد واللسان، وبكل ما أطاق جهادهم به. ذكر من قال ذلك:
13184 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن ويحيى بن آدم، عن حسن بن صالح، عن علي بن الأقمر، عن عمرو بن جندب، عن ابن مسعود، في قوله تعالى: جاهد الكفار والمنافقين قال: بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه.
وقال آخرون: بل أمره بجهادهم باللسان. ذكر من قال ذلك: