وقال آخرون: هم قوم من خزاعة. ذكر من قال ذلك:
12815 - حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن مجاهد: إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام قال: أهل العهد من خزاعة.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي قول من قال: هم بعض بني بكر من كنانة، ممن كان أقام على عهده ولم يكن دخل في نقض ما كان بين رسول الله (ص) وبين قريش يوم الحديبية من العهد مع قريش حين نقضوه بمعونتهم حلفاءهم من بني الديل على حلفاء رسول الله (ص) من خزاعة.
وإنما قلت هذا القول أولى الأقوال في ذلك بالصواب لان الله أمر نبيه والمؤمنين بإتمام العهد لمن كانوا عاهدوه عند المسجد الحرام، ما استقاموا على عهدهم. وقد بينا أن هذه الآيات إنما نادى بها علي في سنة تسع من الهجرة، وذلك بعد فتح مكة بسنة، فلم يكن بمكة من قريش ولا خزاعة كافر يومئذ بينه وبين رسول الله (ص) عهد فيؤمر بالوفاء له بعهده ما استقام على عهده، لان من كان منهم من ساكني مكة كان قد نقض العهد وحورب قبل نزول هذه الآيات.
وأما قوله: إن الله يحب المتقين فإن معناه: إن الله يحب من اتقى وراقبه في أداء فرائضه، والوفاء بعهده لمن عاهده، واجتناب معاصيه، وترك الغدر بعهوده لمن عاهده.
القول في تأويل قوله تعالى:
* (كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون) *.
يعني جل ثناؤه بقوله: كيف يكون لهؤلاء المشركين الذين نقضوا عهدهم أو لمن لا عهد له منهم منكم أيها المؤمنون عهد وذمة، وهم إن يظهروا عليكم يغلبوكم، لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة. واكتفى ب كيف دليلا على معنى الكلام، لتقدم ما يراد من المعنى بها قبلها وكذلك تفعل العرب إذا أعادت الحرف بعد مضي معناه استجازوا حذف الفعل، كما قال الشاعر: