ويعني بقوله: ليهلك من هلك عن بينة ليموت من مات من خلقه عن حجة لله قد أثبتت له، وقطعت عذره، وعبرة قد عاينها ورآها. ويحيا من حي عن بينة يقول:
وليعيش من عاش منهم عن حجة لله قد أثبتت له وظهرت لعينه، فعلمها جمعنا بينكم وبين عدوكم هنالك.
وقال ابن إسحاق في ذلك بما:
12534 - حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق: ليهلك من هلك عن بينة لما رأى من الآيات والعبر، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.
وأما قوله: وإن الله لسميع عليم فإن معناه: وإن الله أيها المؤمنون لسميع لقولكم وقول غيركم حين يرى الله نبيه في منامه، ويريكم عدوكم في أعينكم قليلا وهم كثير، ويراكم عدوكم في أعينهم قليلا، عليم بما تضمره نفوسكم وتنطوي عليه قلوبكم، حينئذ وفي كل حال. يقول جل ثناؤه لهم ولعباده: واتقوا ربكم أيها الناس في منطقكم أن تنطقوا بغير حق، وفي قلوبكم أن تعتقدوا فيها غير الرشد، فإن الله لا يخفى عليه خافية من ظاهر أو باطن. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الامر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور) *.
يقول تعالى ذكره: وإن الله يا محمد سميع لما يقول أصحابك، عليم بما يضمرونه، إذ يريك الله عدوك وعدوهم في منامك قليلا يقول: يريكهم في نومك قليلا فتخبرهم بذلك، حتى قويت قلوبهم واجترأوا على حرب عدوهم. ولو أراك ربك عدوك وعدوهم كثيرا لفشل أصحابك، فجبنوا وخافوا، ولم يقدروا على حرب القوم، ولتنازعوا في ذلك ولكن الله سلمهم من ذلك بما أراك في منامك من الرؤيا، إنه عليم بما تخفيه الصدور، لا يخفى عليه شئ مما تضمره القلوب.