وأما قوله: ومن يتوكل على الله فإن معناه: ومن يسلم أمره إلى الله ويثق به ويرضى بقضائه، فإن الله حافظه وناصره لأنه عزيز لا يغلبه شئ ولا يقهره أحد، فجاره منيع ومن يتوكل عليه يكفه. وهذا أمر من الله جل ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله وغيرهم أن يفوضوا أمرهم إليه ويسلموا لقضائه، كيما يكفيهم أعداءهم، ولا يستذلهم من ناوأهم لأنه عزيز غير مغلوب، فجاره غير مقهور. حكيم يقول: هو فيما يدبر من أمر خلقه، حكيم لا يدخل تدبيره خلل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): ولو تعاين يا محمد حين يتوفى الملائكة أرواح الكفار فتنزعها من أجسادهم، تضرب الوجوه منهم والأستاه، ويقولون لهم: ذوقوا عذاب النار التي تحرقكم يوم ورودكم جهنم.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
12578 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: إذ يتوفى في الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم قال: يوم بدر.
12579 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن أسلم، عن إسماعيل بن كثير، عن مجاهد: يضربون وجوههم وأدبارهم قال: وأستاههم ولكن الله كريم يكني.
* - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، ثنا سفيان، عن أبي هاشم، عن مجاهد، في قوله: يضربون وجوههم وأدبارهم قال: وأستاههم ولكن الله كريم يكني.
12580 - حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: أخبرنا شعبة، عن يعلى بن مسلم، عن سعيد بن جبير، في قوله: يضربون وجوههم وأدبارهم قال: إن الله كني، ولو شاء لقال: أستاههم، وإنما عنى بأدبارهم: أستاههم.
12581 - حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: أستاههم يوم بدر. قال ابن جريج: قال ابن عباس: إذا أقبل المشركون