كنت بالشام، فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية: والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله قال: فقال: نزلت في أهل الكتاب. فقلت: نزلت فينا وفيهم.
ثم ذكر نحو حديث هشيم عن حصين.
فإن قال قائل: فكيف قيل: ولا ينفقونها في سبيل الله فأخرجت الهاء والألف مخرج الكناية عن أحد النوعين؟ قيل: يحتمل ذلك وجهين: أحدهما أن يكون الذهب والفضة مرادا بها الكنوز، كأنه قيل: والذين يكنزون الكنوز ولا ينفقونها في سبيل الله لان الذهب والفضة هي الكنوز في هذا الموضع. والآخر أن يكون استغنى بالخبر عن إحداهما في عائد ذكرهما من الخبر عن الأخرى، لدلالة الكلام على أن الخبر عن الأخرى مثل الخبر عنها. وذلك كثير موجود في كلام العرب وأشعارها، ومنه قول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما * عندك راض والرأي مختلف فقال: راض، ولم يقل: رضوان. وقال الآخر:
إن شرح الشباب والشعر الأسود * ما لم يعاص كان جنونا فقال: يعاص، ولم يقل: يعاصيا في أشياء كثيرة. ومنه قول الله: وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها ولم يقل: إليهما القول في تأويل قوله تعالى:
* (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) *.