فأما أهل المعرفة بكلام العرب فإنهم يقولون معناه: قتلهم الله، والعرب تقول:
قاتعك الله، وقاتعها الله بمعنى: قاتلك الله، قالوا: وقاتعك الله أهون من قاتله الله. وقد ذكروا أنهم يقولون: شاقاه الله ما باقاه، يريدون: أشقاه الله ما أبقاه. قالوا: ومعنى قوله:
قاتلهم الله كقوله: قتل الخراصون وقتل أصحاب الأخدود واحد، وهو بمعنى التعجب. فإن كان الذي قالوا كما قالوا، فهو من نادر الكلام الذي جاء على غير القياس، لان فاعلت لا تكاد أن تجئ فعلا إلا من اثنين، كقولهم: خاصمت فلانا وقاتلته، وما أشبه ذلك. وقد زعموا أن قولهم: عافاك الله منه، وأن معناه: أعفاك الله، بمعنى الدعاء لمن دعا له بأن يعفيه من السوء.
وقوله: أنى يؤفكون يقول: أي وجه يذهب بهم ويحيدون، كيف يصدون عن الحق، وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل. القول في تأويل قوله تعالى:
* (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون) *.
يقول جل ثناؤه: اتخذ اليهود أحبارهم، وهم العلماء. وقد بينت تأويل ذلك بشواهده فيما مضى من كتابنا هذا. قيل واحدهم حبر وحبر بكسر الحاء منه وفتحها. وكان يونس الجرمي فيما ذكر عنه يزعم أنه لم يسمع ذلك إلا حبر بكسر الحاء، ويحتج بقول الناس: هذا مداد حبر، يراد به: مداد عالم. وذكر الفراء أنه سمعه حبرا وحبرا بكسر الحاء وفتحها. والنصارى رهبانهم، وهم أصحاب الصوامع وأهل الاجتهاد في دينهم منهم.
كما:
12924 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سلمة، عن الضحاك: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم قال: قراءهم وعلماءهم.