لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * يقول: ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك. قال: وذكر لنا أن نبي الله عليه الصلاة والسلام كان يضرب مثلا للمؤمن والمنافق والكافر، كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر، فوقع المؤمن فقطع، ثم وقع المنافق حتى إذا كاد يصل إلى المؤمن، ناداه الكافر: أن هلم إلي فإني أخشى عليك! وناداه المؤمن: أن هلم إلي فإن عندي وعندي! يحصي له ما عنده. فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتي عليه الماء فغرقه، وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك. قال: وذكر لنا أن نبي الله (ص) كان يقول: مثل المنافق كمثل ثاغية بين غنمين رأت غنما على نشز، فأتتها فلم تعرف، ثم رأت غنما على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (مذبذبين) * قال: المنافقون.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: * (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * يقول: لا إلى أصحاب محمد (ص)، ولا إلى هؤلاء اليهود.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج، عن ابن جريج، قوله: * (مذبذبين بين ذلك) * قال: لم يخلصوا الايمان فيكونوا مع المؤمنين، وليسوا مع أهل الشرك.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (مذبذبين بين ذلك) *: بين الاسلام والكفر * (لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) *.
وأما قوله: * (ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * فإنه يعني: من يخذله الله عن طريق الرشاد وذلك هو الاسلام الذي دعا الله إليه عباده، يقول: من يخذله الله عنه فلم يوفقه له، فلن تجد له يا محمد سبيلا: يعني طريقا يسلكه إلى الحق غيره. وأي سبيل يكون له إلى الحق غير الاسلام؟ وقد أخبر الله جل ثناؤه: أنه من يتبع غيره دينا فلن يقبل منه، ومن أضله الله عنه فقد غوى، فلا هادي له غيره. القول في تأويل قوله تعالى: *