حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (ثم ازدادوا كفرا) * قال: حتى ماتوا.
حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (إن الذين آمنوا ثم كفروا) *... الآية، قال: هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين، وكفروا مرتين، ثم ازدادوا كفرا بعد ذلك.
وقال آخرون: بل هم أهل الكتابين: التوراة والإنجيل، أتوا ذنوبا في كفرهم فتابوا، فلم تقبل منهم التوبة فيها مع إقامتهم على كفرهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو خالد، عن داود بن أبي هند، عن أبي العالية: * (إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا) * قال: هم اليهود والنصارى أذنبوا في شركهم، ثم تابوا فلم تقبل توبتهم، ولو تابوا من الشرك لقبل منهم.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: عني بذلك أهل الكتاب الذين أقروا بحكم التوراة، ثم كذبوا بخلافهم إياه، ثم أقر من أقر منهم بعيسى والإنجيل، ثم كذب به بخلافه إياه، ثم كذب بمحمد (ص) والفرقان، فازداد بتكذيبه به كفرا على كفره.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب في تأويل هذه الآية، لان الآية قبلها في قصص أهل الكتابين، أعني قوله: * (يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله) * ولا دلالة تدل على أن قوله: * (إن الذين آمنوا ثم كفروا) * منقطع معناه من معنى ما قبله، فإلحاقه بما قبله أولى حتى تأتي دلالة دالة على انقطاعه منه.
وأما قوله: * (لم يكن الله ليغفر لهم) * فإنه يعني: لم يكن الله ليستر عليهم كفرهم وذنوبهم بعفوه عن العقوبة لهم عليه، ولكنه يفضحهم على رؤوس الاشهاد. * (ولا ليهديهم سبيلا) * يقول: ولم يكن ليسددهم لإصابة طريق الحق فيوفقهم لها، ولكنه يخذلهم عنها عقوبة لهم على عظيم جرمهم وجرأتهم على ربهم. وقد ذهب قوم إلى أن المرتد يستتاب ثلاثا انتزاعا منهم بهذه الآية، وخالفهم على ذلك آخرون. ذكر من قال يستتاب ثلاثا:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص، عن أشعث، عن الشعبي، عن علي عليه السلام، قال: إن كنت لمستتيب المرتد ثلاثا. ثم قرأ هذه الآية: * (إن الذين آمنوا ثم آمنوا ثم كفروا) *.