عن ابن عباس، قوله: * (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) * قال: أمر الله المؤمنين أن يقولوا الحق ولو على أنفسهم أو آبائهم أو أبنائهم، ولا يحابوا غنيا لغناه، ولا يرحموا مسكينا لمسكنته، وذلك قوله: * (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) * فتذروا الحق فتجوروا.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن يونس، عن ابن شهاب في شهادة الوالد لولده وذي القرابة، قال: كان ذلك فيما مضى من السنة في سلف المسلمين، وكانوا يتأولون في ذلك قول الله: * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما) *... الآية، فلم يكن يتهم سلف المسلمين الصالح في شهادة الوالد لولده، ولا الولد لوالده، ولا الأخ لأخيه، ولا الرجل لامرأته، ثم دخل الناس بعد ذلك فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم، فتركت شهادة من يتهم إذا كانت من أقربائهم وصار ذلك من الولد والوالد والأخ والزوج والمرأة لم يتهم إلا هؤلاء في آخر الزمان.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) *... إلى آخر الآية، قال: لا يحملك فقر هذا على أن ترحمه فلا تقيم عليه الشهادة، قال: يقول هذا للشاهد.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله) *... الآية، هذا في الشهادة، فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك، أو الوالدين، أو على ذوي قرابتك، أو أشراف قومك، فإنما الشهادة لله وليست للناس، وإن الله رضي العدل لنفسه، والاقساط والعدل ميزان الله في الأرض، به يرد الله من الشديد على الضعيف، من الكاذب على الصادق، ومن المبطل على المحق، وبالعدل يصدق الصادق، ويكذب الكاذب، ويرد المعتدي، ويوبخه تعالى ربنا وتبارك، وبالعدل يصلح الناس. يا ابن آدم إن يكن غنيا أو فقيرا، فالله أولى بهما، يقول: أولى بغنيكم وفقيركم. قال: وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام قال: يا رب أي شئ وضعت في الأرض أقل؟ قال: العدل أقل ما وضعت في الأرض، فلا يمنعك غني عني ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم، فإن ذلك عليك من الحق. وقال جل ثناؤه: * (فالله أولى بهما) *.