حدثنا محمد بن المثنى وسفيان بن وكيع، قال سفيان: ثنا عبد الأعلى، وقال ابن المثنى: ثني عبد الأعلى قال: ثنا داود، عن محمد بن أبي موسى في هذه الآية: * (ويستفتونك في النساء) * قال: استفتوا نبي الله (ص) في النساء، وسكتوا عن شئ كانوا يفعلونه، فأنزل الله: * (ويستفتونك في النساء، قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب) * ويفتيكم فيما لم تسألوا عنه. قال: كانوا لا يتزوجون اليتيمة إذا كان بها دمامة، ولا يدفعون إليها مالها فتنفق، فنزلت: * (قل الله يفتيكم في النساء وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن) * قال:
والمستضعفين من الولدان. قال: كانوا يورثون الأكابر ولا يورثون الأصاغر، ثم أفتاهم فيما سكتوا عنه، فقال: * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو أعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير) *، ولفظ الحديث لابن المثنى.
قال أبو جعفر: فعلى هذا القول الذي يتلى علينا في الكتاب الذي قال الله جل ثناؤه: * (قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم) *: * (وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) *... الآية، والذي سأل القوم فأجيبوا عنه في يتامى النساء اللاتي كانوا لا يؤتونهن ما كتب الله لهن من الميراث عمن ورثنه عنه.
وأولى هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرناها عنه بالصواب وأشبهها بظاهر التنزيل قول من قال: معنى قوله: * (وما يتلى عليكم في الكتاب) *: وما يتلى عليكم من آيات الفرائض في أول هذه السورة وآخرها.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لان الصداق ليس مما كتب للنساء إلا بالنكاح، فما لم تنكح فلا صداق لها قبل أحد، وإذا لم يكن ذلك لها قبل أحد لم يكن مما كتب لها، وإذا لم يكن مما كتب لها، لم يكن لقول قائل عني بقوله: * (وما يتلى عليكم في الكتاب) *:
الأقساط في صدقات يتامى النساء وجه، لان الله قال في سياق الآية مبينا عن الفتيا التي وعدنا أن يفتيناها في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن، فأخبر أن بعض الذي يفتينا فيه من أمر النساء أمر اليتيمة المحولة بينها وبين ما كتب الله لها، والصداق قبل عقد النكاح ليس مما كتب الله لها على أحد، فكان معلوما بذلك أن التي عنيت بهذه الآية هي التي قد حيل بينها وبين الذي كتب لها مما يتلى علينا في كتاب الله. فإذا كان ذلك كذلك، كان معلوما أن ذلك هو الميراث الذي يوجبه الله لهن في كتابه. فأما الذي ذكر عن محمد بن أبي موسى، فإنه مع خروجه من قول أهل التأويل، بعيد مما يدل عليه ظاهر التنزيل، وذلك