وقال آخرون: بل معنى ذلك: ويستفتونك في النساء، قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب، يعني في أول هذه السورة، وذلك قوله: * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) *. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة زوج النبي (ص)، عن قول الله: * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) * قالت:
يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر وليها، تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا رسول الله (ص) بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله: * (ويستفتونك في النساء، قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن) * قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها: * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني الليث، قال: ثني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، مثله.
فعلى هذه الأقوال الثلاثة التي ذكرناها ما التي في قوله: * (وما يتلى عليكم) * في موضع خفض بمعنى العطف على الهاء والنون التي في قوله: * (يفتيكم فيهن) * فكأنهم وجهوا تأويل الآية: قل الله يفتيكم أيها الناس في النساء، وفيما يتلى عليكم في الكتاب.
وقال آخرون: نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) في قوم من أصحابه سألوه عن أشياء من أمر النساء، وتركوا المسألة عن أشياء أخر كانوا يفعلونها، فأفتاهم الله فيما سألوا عنه وفيما تركوا المسألة عنه. ذكر من قال ذلك: