(نكفر عنكم سيئاتكم) * ترك المجازاة عليها، وإنما وعد التكفير بترك الفضيحة منه لأهلها في معادهم، كما فضح أهل الشرك والنفاق. فأما إذا جازاهم في الدنيا عليها بالمصائب ليكفرها عنهم بها ليوافوه ولا ذنب لهم، يستحقون المجازاة عليه، فإنما وفي لهم بما وعدهم بقوله: * (نكفر عنكم سيئاتكم) * وأنجز لهم ما ضمن لهم بقوله: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار) *.
وبنحو الذي قلنا في ذلك، تظاهرت الاخبار عن رسول الله (ص). ذكر الأخبار الواردة بذلك:
حدثنا أبو كريب، وسفيان بن وكيع ونصر بن علي وعبد الله بن أبي زياد القطواني، قالوا: ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن محيصن، عن محمد بن قيس بن مخرمة، عن أبي هريرة، قال: لما نزلت هذه الآية: * (من يعمل سوءا يجز به) * شقت على المسلمين، وبلغت منهم ما شاء الله أن تبلغ، فشكوا ذلك إلى رسول الله (ص)، فقال: قاربوا وسددوا، ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى النكبة ينكبها، أو الشوكة يشاكها.
حدثني عبد الله بن أبي زياد وأحمد بن منصور الرمادي، قالا: ثنا يزيد بن حيان، قالا: حدثنا عبد الملك بن الحسن الحارثي، قال: ثنا محمد بن زيد بن قنفذ، عن عائشة، عن أبي بكر، قال: لما نزلت: * (من يعمل سوءا يجز به) * قال أبو بكر:
يا رسول الله، كل ما نعمل نؤاخذ به؟ فقال: يا أبا بكر أليس يصيبك كذا وكذا؟ فهو كفارته.
حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن زياد الجصاص، عن علي بن زيد، عن مجاهد، قال: ثني عبد الله بن عمر، أنه سمع أبا بكر يقول: سمعت النبي (ص) يقول من يعمل سوءا يجز به في الدنيا.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن إسماعيل، عن أبي بكر بن أبي