رسول الله (ص)، فقالوا: يا رسول الله إنا نضرب في الأرض، فكيف نصلي؟ فأنزل الله: * (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * ثم انقطع الوحي. فلما كان بعد ذلك بحول، غزا النبي (ص)، فصلى الظهر، فقال المشركون: لقد أمكنكم محمد وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم! فقال قائل منهم: إن لهم أخرى مثلها في أثرها.
فأنزل الله تبارك وتعالى بين الصلاتين: * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك) *... إلى قوله: * (إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا) * فنزلت صلاة الخوف.
قال أبو جعفر: وهذا تأويل للآية حسن لو لم يكن في الكلام إذا، وإذا تؤذن بانقطاع ما بعدها عن معنى ما قبلها، ولو لم يكن في الكلام إذا كان معنى الكلام على هذا التأويل الذي رواه سيف، عن أبي روق: إن خفتم أيها المؤمنون أن يفتنكم الذين كفروا في صلاتكم، وكنت فيهم يا محمد، فأقمت لهم الصلاة، فلتقم طائفة منهم معك، الآية.
وبعد، فإن ذلك فيما ذكر في قراءة أبي بن كعب: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا.
حدثني بذلك الحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا الثوري، عن واصل بن حيان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه، عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ: أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم الذين كفروا، ولا يقرأ: إن خفتم.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا بكر بن شرود، عن الثوري، عن واصل الأحدب، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بن كعب أنه قرأ: أن تقصروا من الصلاة أن يفتنكم، قال بكر: وهي في الامام مصحف عثمان رحمه الله: * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) *.
وهذه القراءة تنبئ على أن قوله: * (إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) * مواصل قوله: * (فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) * وأن معنى الكلام: وإذا ضربتم في الأرض فإن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، وأن قوله: * (وإذا كنت فيهم) * قصة مبتدأة غير قصة هذه الآية. وذلك أن تأويل قراءة أبي هذه التي ذكرناها