قال أبو جعفر: وقد بينا أولى الأقوال في ذلك بالصواب فيما مضى قبل.
واختلفوا أيضا في معنى السعة التي ذكرها الله في هذا الموضع فقال: * (وسعة) *، فقال بعضهم: هي السعة في الرزق. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: * (مراغما كثيرا وسعة) * قال: السعة في الرزق.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، في قوله: * (مراغما كثيرا وسعة) * قال: السعة في الرزق.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد بن سلمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: * (وسعة) * يقول: سعة في الرزق.
وقال آخرون في ذلك ما:
حدثني بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: * (يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة) *: أي والله من الضلالة إلى الهدى، ومن العيلة إلى الغنى.
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أخبر أن من هاجر في سبيله يجد في الأرض مضطربا ومتسعا، وقد يدخل في السعة، السعة في الرزق، والغنى من الفقر، ويدخل فيه السعة من ضيق الهم، والكرب الذي كان فيه أهل الايمان بالله من المشركين بمكة، وغير ذلك من معاني السعة التي هي بمعنى الروح والفرج من مكروه ما كره الله للمؤمنين بمقامهم بين ظهري المشركين وفي سلطانهم. ولم يضع الله دلالة على أنه عنى بقوله: وسعة بعض معاني السعة التي وصفنا، فكل معاني السعة هي التي بمعنى الروح والفرج مما كانوا فيه من ضيق العيش وغم جوار أهل الشرك وضيق الصدر، بتعذر إظهار الايمان بالله وإخلاص توحيده وفراق الأنداد والآلهة، داخل في ذلك.
وقد تأول قوم من أهل العلم هذه الآية، أعني قوله: * (ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله) * أنها في حكم الغازي يخرج للغزو