يهاجروا في سبيل الله) * قال: هذا في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة بما تكلم. فقال سعد بن معاذ: فإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله منه! يريد عبد الله بن أبي ابن سلول.
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: نزلت هذه الآية في اختلاف أصحاب رسول الله (ص) في قوم كانوا ارتدوا عن الاسلام بعد إسلامهم من أهل مكة. وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لان اختلاف أهل ذلك إنما هو على قولين: التأويل في أحدهما أنهم قوم كانوا من أهل مكة على ما قد ذكرنا الرواية عنهم، والآخر أنهم قوم كانوا من أهل المدينة، وفي قول الله تعالى ذكره: * (فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا) * أوضح الدليل على أنهم كانوا من غير أهل المدينة لان الهجرة كانت على عهد رسول الله (ص) إلى داره ومدينته من سائر أرض الكفر، فأما من كان بالمدينة في دار الهجرة مقيما من المنافقين وأهل الشرك، فلم يكن عليه فرض هجرة، لأنه في دار الهجرة كان وطنه ومقامه.
واختلف أهل العربية في نصب قوله: * (فئتين) * فقال بعضهم: هو منصوب على الحال، كما تقول: ما لك قائما، يعني ما لك في حال القيام. وهذا قول بعض البصريين، وقال بعض نحويي الكوفيين: هو منصوب على فعل ما لك، قال: ولا يبالي كان المنصوب في مالك معرفة أو نكرة. قال: ويجوز في الكلام أن يقول: ما لك السائر معنا، لأنه كالفعل الذي ينصب بكان وأظن وما أشبههما. قال: وكل موضع صلحت فيه فعل ويفعل من المنصوب جاز نصب المعرفة منه والنكرة، كما ينصب كان وأظن لأنهن نواقص في المعنى وإن ظننت أنهن تامات. وهذا القول أولى بالصواب في ذلك، لان المطلوب في قول القائل: ما لك قائما القيام، فهو في مذهب كان وأخواتها وأظن وصواحباتها.
القول في تأويل قوله عز وجل: * (والله أركسهم بما كسبوا) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: * (والله أركسهم) * فقال بعضهم: معناه: ردهم، كما قلنا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس: * (والله أركسهم بما كسبوا) * ردهم.