الله، واتبعوا أمر الشيطان. * (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) * يعني أن الشيطان يريد أن يصد هؤلاء المتحاكمين إلى الطاغوت عن سبيل الحق والهدى، فيضلهم عنها ضلالا بعيدا، يعني: فيجور بهم عنها جورا شديدا. وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل من المنافقين دعا رجلا من اليهود في خصومة كانت بينهما إلى بعض الكهان ليحكم بينهم ورسول الله (ص) بين أظهرهم. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عامر في هذه الآية: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) * قال: كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة، فكان المنافق يدعو إلى اليهود لأنه يعلم أنهم يقبلون الرشوة، وكان اليهودي يدعو إلى المسلمين لأنه يعلم أنهم لا يقبلون الرشوة، فاصطلحا أن يتحاكما إلى كاهن من جهينة، فأنزل الله فيه هذه الآية: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك) *... حتى بلغ: * (ويسلموا تسليما) *.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا داود، عن عامر في هذه الآية: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك) * فذكر نحوه، وزاد فيه: فأنزل الله * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك) * يعني المنافقين * (وما أنزل من قبلك) * يعني اليهود * (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) * يقول: إلى الكاهن * (وقد أمروا أن يكفروا به) * أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه أن يكفر بالكاهن.
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي، قال: كانت بين رجل ممن يزعم أنه مسلم، وبين رجل من اليهود خصومة، فقال اليهودي:
أحاكمك إلى أهل دينك، أو قال: إلى النبي، لأنه قد علم أن رسول الله (ص) لا يأخذ الرشوة في الحكم. فاختلفا، فاتفقا على أن يأتيا كاهنا في جهينة، قال: فنزلت: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك) * يعني: الذي من الأنصار * (وما أنزل من قبلك) * يعني:
اليهودي * (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) * إلى الكاهن * (وقد أمروا أن يكفروا به) * يعني: أمر هذا في كتابه، وأمر هذا في كتابه. وتلا: * (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) *، وقرأ: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) * إلى: * (ويسلموا تسليما) *.
حدثنا محمد بن الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، قال: