(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * فأمرهم بطاعتهم، وأوصى الراعي بالرعية، وأوصى الرعية بالطاعة. كما:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) * قال: قال أبي: هم السلاطين. وقرأ ابن زيد: * (تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء) * ألا ترى أنه أمر فقال: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) *؟ والأمانات: هي الفئ الذي استأمنهم على جمعه وقسمه، والصدقات التي استأمنهم على جمعها وقسمها. * (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) *... الآية كلها فأمر بهذا الولاة، ثم أقبل علينا نحن، فقال: * (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم) *.
وأما الذي قال ابن جريج من أن هذه الآية نزلت في عثمان بن طلحة فإنه جائز أن تكون نزلت فيه، وأريد به كل مؤتمن على أمانة فدخل فيه ولاة أمور المسلمين وكل مؤتمن على أمانة في دين أو دنيا، ولذلك قال من قال: عني به قضاء الدين ورد حقوق الناس.
كالذي:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * فإنه لم يرخص لموسر ولا معسر أن يمسكها.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * عن الحسن: أن نبي الله (ص) كان يقول: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك.
فتأويل الآية إذا، إذ كان الامر على ما وصفنا: إن الله يأمركم يا معشر ولاة أمور المسلمين أن تؤدوا ما ائتمنتكم عليه رعيتكم من فيئهم وحقوقهم وأموالهم وصدقاتهم إليهم على ما أمركم الله، بأداء كل شئ من ذلك إلى من هو له بعد أن تصير في أيديكم، لا