وقال آخرون: بل هذه الصفة جماعة من اليهود منهم حيي بن أخطب، وهم الذين قالوا للمشركين ما أخبر الله عنهم أنهم قالوه لهم. ذكر الاخبار بذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق عمن قاله، قال: أخبرني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، وأبو رافع، والربيع بن أبي الحقيق، وأبو عامر، ووحوح بن عامر، وهوذ بن قيس، فأما وحوح، وأبو عامر، وهوذة فمن بني وائل، وكان سائرهم من بني النضير.
فلما قدموا على قريش، قالوا: هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الأول، فاسألوهم أدينكم خير، أم دين محمد؟ فسألوهم، فقالوا: بل دينكم خير من دينه، وأنتم أهدى منه وممن اتبعه! فأنزل الله فيهم: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) *... إلى قوله: * (وآتيناهم ملكا عظيما) *.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
* (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) *... الآية، قال:
ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب ورجلين من اليهود من بني النضير لقيا قريشا بموسم، فقال لهم المشركون: أنحن أهدى أم محمد وأصحابه؟ فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم. فقالا: لا، بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه! وهما يعلمان أنهما كاذبان، إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه.
وقال آخرون: بل هذه صفة حيي بن أخطب وحده، وإياه عني بقوله: * (ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) *.
ذكر من قال ذلك: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) *... إلى آخر الآية، قال: جاء حيي بن أخطب إلى المشركين، فقالوا: يا حيي إنكم أصحاب كتب، فنحن خير أم محمد وأصحابه؟ فقال نحن وأنتم خير منهم! فذلك قوله: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) *... إلى قوله: * (ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) *.