حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * وذلك أن اليهود قالوا: ما شأن محمد أعطي النبوة كما يزعم وهو جائع عار، وليس له هم إلا نكاح النساء؟ فحسدوه على تزويج الأزواج، وأحل الله لمحمد أن ينكح منهن ما شاء أن ينكح.
وأولى التأويلين في ذلك بالصواب قول قتادة وابن جريج الذي ذكرناه قبل أن معنى الفضل في هذا الموضع النبوة التي فضل الله بها محمدا، وشرف بها العرب إذ آتاها رجلا منهم دون غيرهم، لما ذكرنا من أن دلالة ظاهر هذه الآية تدل على أنها تقريظ للنبي (ص) وأصحابه رضي الله عنهم، على ما قد بينا قبل، وليس النكاح وتزويج النساء، وإن كان من فضل الله جل ثناؤه الذي آتاه عباده بتقريظ لهم ومدح.
القول في تأويل قوله تعالى: * (فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) *.
يعني: بذلك جل ثناؤه: أم يحسد هؤلاء اليهود الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، الناس على ما آتاهم الله من فضله، من أجل أنهم ليسوا منهم، فكيف لا يحسدون آل إبراهيم، فقد آتيناهم بالكتاب؟ ويعني بقوله: * (فقد آتينا آل إبراهيم) *: فقد أعطينا آل إبراهيم، يعني: أهله وأتباعه على دينه * (الكتاب) * يعني: كتاب الله الذي أوحاه إليهم، وذلك كصحف إبراهيم وموسى والزبور، وسائر ما آتاهم من الكتب. وأما الحكمة، فما أوحى إليهم مما لم يكن كتابا مقروءا. * (وآتيناهم ملكا عظيما) *.
واختلف أهل التأويل في معنى الملك العظيم الذي عناه الله في هذه الآية، فقال بعضهم: هو النبوة.
ذكر من قال ذلك: حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: * (أم يحسدون الناس) * قال: يهود، * (على ما آتاهم الله من فضله) * فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب وليسوا منهم، والحكمة، * (وآتيناهم ملكا عظيما) * قال: النبوة.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله، إلا أنه قال: * (ملكا) *: النبوة.