وأصحابه سبيلا على علم منهم بأنهم في قيلهم ما قالوا من ذلك كذبة: أم يحسدون محمدا على ما آتاهم الله من فضله.
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب، لان ما قبل قوله: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * مضى بذم القائلين من اليهود للذين كفروا: * (هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) *، فإلحاق قوله: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * بذمهم على ذلك، وتقريظ الذين آمنوا الذين قيل فيهم ما قيل أشبه وأولى، ما لم يأت دلالة على انصراف معناه عن معنى ذلك.
واختلف أهل التأويل في تأويل الفضل الذي أخبر الله أنه آتي الذين ذكرهم في قوله: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * فقال بعضهم: ذلك الفضل هو النبوة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *: حسدوا هذا الحي من العرب على ما آتاهم الله من فضله، بعث الله منهم نبيا فحسدوهم على ذلك.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، قال: قال ابن جريج:
* (على ما آتاهم الله من فضله) * قال: النبوة.
وقال آخرون: بل ذلك الفضل الذي ذكر الله أنه آتاهموه: هو إباحته ما أباح لنبيه محمد (ص) من النساء، ينكح منهن ما شاء بغير عدد. قالوا: وإنما يعني بالناس: محمدا (ص) على ما ذكرت قبل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *... الآية، وذلك أن أهل الكتاب قالوا: زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة، ليس همه إلا النكاح، فأي ملك أفضل من هذا؟ فقال الله: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) *.
حدثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) * يعني محمدا أن ينكح ما شاء من النساء.