وقد قيل: إن معنى قوله: وآتاه الله الملك والحكمة أن الله آتي داود ملك طالوت ونبوة أشمويل. ذكر من قال ذلك:
4485 - حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: ملك داود بعدما قتل طالوت، وجعله الله نبيا، وذلك قوله: وآتاه الله الملك والحكمة قال:
الحكمة: هي النبوة، آتاه نبوة شمعون، وملك طالوت.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) * يعني تعالى ذكره بذلك: ولولا أن الله يدفع ببعض الناس، وهم أهل الطاعة له والايمان به، بعضا وهم أهل المعصية لله، والشرك به، كما دفع عن المتخلفين عن طالوت يوم جالوت من أهل الكفر بالله والمعصية له وقد أعطاهم ما سألوا ربهم ابتداء من بعثة ملك عليهم ليجاهدوا معه في سبيله بمن جاهد معه من أهل الايمان بالله واليقين والصبر، جالوت وجنوده، لفسدت الأرض، يعني لهلك أهلها بعقوبة الله إياهم، ففسدت بذلك الأرض، ولكن الله ذو من على خلقه، وتطول عليهم بدفعه بالبر من خلقه عن الفاجر، وبالمطيع عن العاصي منهم، وبالمؤمن عن الكافر.
وهذه الآية إعلام من الله تعالى ذكره أهل النفاق الذين كانوا على عهد رسول الله (ص) المتخلفين عن مشاهده والجهاد معه للشك الذي في نفوسهم ومرض قلوبهم والمشركين وأهل الكفر منهم، وأنه إنما يدفع عنهم معاجلتهم العقوبة، على كفرهم ونفاقهم بإيمان المؤمنين به وبرسوله، الذين هم أهل البصائر، والجد في أمر الله، وذوو اليقين بإنجاز الله إياهم وعده على جهاد أعدائه، وأعداء رسوله من النصر في العاجل، والفوز بجنانه في الآخرة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمر، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض يقول: ولولا دفع الله بالبار عن الفاجر، ودفعه ببقية أخلاف الناس بعضهم عن بعض لفسدت الأرض بهلاك أهلها.