قال ابن جريج: وقال مجاهد: سمى واحدا إبراهيم، والآخر إسحاق، والآخر يعقوب، وقال: باسم إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وجعلهن في مرجمته.
قال ابن جريج: فانطلق حتى نفذ إلى طالوت، فقال: إنك قد جعلت لمن قتل جالوت نصف ملكك ونصف كل شئ تملكه. أفلي ذلك إن قتلته؟ قال: نعم، والناس يستهزءون بداود، وإخوة داود أشد من هنالك عليه، وكان طالوت لا ينتدب إليه أحد زعم أنه يقتل جالوت إلا ألبسه درعا عنده، فإذا لم تكن قدرا عليه نزعها عنه، وكانت درعا سابغة من دروع طالوت، فألبسها داود فلما رأى قدرها عليه أمره أن يتقدم، فتقدم داود، فقام مقاما لا يقوم فيه أحد وعليه الدرع، فقال له جالوت: ويحك من أنت إني أرحمك، ليتقدم إلي غيرك من هذه الملوك، أنت انسان ضعيف مسكين، فارجع، فقال داود: أنا الذي أقتلك بإذن الله، ولن أرجع حتى أقتلك، فلما أبى داود إلا قتاله، تقدم جالوت إليه ليأخذه بيده مقتدرا عليه، فأخرج الحجر من المخلاة، فدعا ربه، ورماه بالحجر، فألقت الريح بيضته عن رأسه، فوقع الحجر في رأس جالوت حتى دخل في جوفه، فقتله.
قال ابن جريج: وقال مجاهد: لما رمى جالوت بالحجر خرق ثلاثا وثلاثين بيضة عن رأسه، وقتلت من ورائه ثلاثين ألفا، قال الله تعالى: وقتل داود جالوت فقال داود لطالوت: وف بما جعلت، فأبى طالوت أن يعطيه ذلك، فانطلق داود، فسكن مدينة من مدائن بني إسرائيل، حتى مات طالوت فلما مات عمد بنو إسرائيل إلى داود، فجاؤوا به، فملكوه، وأعطوه خزائن طالوت، وقالوا: لم يقتل جالوت إلا نبي، قال الله: وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء.
القول في تأويل قوله تعالى: وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء.
يعني تعالى ذكره بذلك: وأعطى الله داود الملك والحكمة وعلمه مما يشاء. والهاء في قوله: وآتاه الله عائدة على داود والملك السلطان والحكمة النبوة. وقوله: وعلمه مما يشاء يعني علمه صنعة الدروع، والتقدير في السرد، كما قال الله تعالى ذكره:
وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم.