والمعنى: لو لم تكن غطفان لها ذنوب. ولا زائدة فأعملها وأنكر ما قال هذا القائل من قوله الذي حكينا عنه آخرون، وقالوا: غير جائز أن تجعل أن زائدة في الكلام وهو صحيح في المعنى وبالكلام إليه الحاجة قالوا: والمعنى: ما يمنعنا ألا نقاتل؟ فلا وجه لدعوى مدع أن أن زائدة، وله معنى مفهوم صحيح.
قالوا: وأما قوله: لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها، فإن لا غير زائدة في هذا الموضع، لأنه جحد، والجحد إذا جحد صار إثباتا. قالوا: فقوله: لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها إثبات الذنوب لها، كما يقال: ما أخوك ليس يقوم، بمعنى: هو يقوم.
وقال آخرون: معنى قوله: ما لنا ألا نقاتل ما لنا ولان لا نقاتل، ثم حذفت الواو فتركت، كما يقال في الكلام: ما لك ولان تذهب إلى فلان؟ فألقي منها الواو، لان أن حرف غير متمكن في الأسماء وقالوا: نجيز أن يقال: ما لك أن تقوم؟ ولا نجيز: ما لك القيام؟ لان القيام اسم صحيح، وأن اسم غير صحيح وقالوا: قد تقول العرب: إياك أن تتكلم، بمعنى إياك وأن تتكلم.
وأنكر ذلك من قولهم آخرون، وقالوا: لو جاز أن يقال ذلك على التأويل الذي تأوله قائل من حكينا قوله، لوجب أن يكون جائزا: ضربتك بالجارية وأنت كفيل، بمعنى:
وأنت كفيل بالجارية، وأن تقول: رأيتك أبانا ويزيد، بمعنى: رأيتك وأبانا يزيد لان العرب تقول: إياك بالباطل أن تنطق قالوا: فلو كانت الواو مضمرة في أن لجاز جميع ما ذكرنا ولكن ذلك غير جائز، لان ما بعد الواو من الأفاعيل غير جائز له أن يقع على ما قبلها. واستشهدوا على فساد قول من زعم أن الواو مضمرة مع أن بقول الشاعر:
فبح بالسرائر في أهلها * وإياك في غيرهم أن تبوحا وأن أن تبوحا لو كان فيها واو مضمرة لم يجز تقديم غيرهم عليها.
القول في تأويل قوله تعالى: (وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا). فإنه يعني: وقد أخرج من غلب عليه من رجالنا ونسائنا من ديارهم وأولادهم ومن سبي. وهذا الكلام