الله إليه، نزل بهم عدو، فخرجوا إليه، وأخرجوا معهم التابوت كما كانوا يخرجونه، ثم زحفوا به، فقوتلوا حتى استلب من بين أيديهم، فأتى ملكهم إيلاء، فأخبر أن التابوت قد أخذ واستلب، فمالت عنقه، فمات كمدا عليه. فمرج أمرهم عليهم، ووطئهم عدوهم، حتى أصيب من أبنائهم ونسائهم، وفيهم نبي لهم قد كان الله بعثه إليهم فكانوا لا يقبلون منه شيئا يقال له شمويل، وهو الذي ذكر الله لنبيه محمد: (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله) إلى قوله: (وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) يقول الله: (فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم) إلى قوله (إن في ذلك لاية لكم إن كنتم مؤمنين). قال ابن إسحاق: فكان من حديثهم فيما حدثني به بعض أهل العلم عن وهب بن منبه: أنه لما نزل بهم البلاء ووطئت بلادهم، كلموا نبيهم شمويل بن بالي، فقالوا: ابعث لنا لما نقاتل في سبيل الله! وإنما كان قوام بني إسرائيل الاجتماع على الملوك، وطاعة الملوك أنبياءهم، وكان الملك هو يسير بالجموع والنبي يقوم له أمره، ويأتيه بالخبر من ربه، فإذا فعلوا ذلك صلح أمرهم، فإذا عتت ملوكهم وتركوا أمر أنبيائهم فسد أمرهم، فكانت الملوك إذا تابعها الجماعة على الضلالة تركوا أمر الرسل، ففريقا يكذبون فلا يقبلون منه شيئا، وفريقا يقتلون. فلم يزل ذلك البلاء بهم حتى قالوا له:
ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله! فقال لهم: إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد. فقالوا: إنما كنا نهاب الجهاد ونزهد فيه أنا كنا ممنوعين في بلادها لا يطؤها أحد فلا يظهر علينا فيها عدو، فأما إذ بلغ ذلك فإنه لا بد من الجهاد، فنطيع ربنا في جهاد عدونا ونمنع أبناءها ونساءها وذرارينا.
4393 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) إلى: (والله عليم بالظالمين). قال الربيع: ذكر لنا والله أعلم أن موسى لما حضرته الوفاة استخلف فتاه يوشع بن نون على بني إسرائيل، وإن يوشع بن نون سار فيهم بكتاب الله التوراة وسنة نبيه موسى. ثم إن يوشع بن نون توفي واستخلف فيهم آخر، فسار فيهم بكتاب الله وسنة نبيه موسى صلى الله عليه وسلم، ثم استخلف آخر، فسار فيهم بسيرة صاحبيه. ثم استخلف آخر فعرفوا وأنكروا، ثم استخلف آخر فأنكروا عامة أمره. ثم استخلف آخر فأنكروا أمره كله. ثم إن بني إسرائيل أتوا نبيا من أنبيائهم حين أوذوا في نفوسهم وأموالهم، فقالوا له: سل ربك أن يكتب علينا القتال! فقال لهم ذلك النبي: (هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا) إلى قوله: (والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم).