فيرخص له في تركه بوضع الحرج عنه في تركه. فأما ما على العامل عمله فلا وجه لوضع الحرج عنه فيه إن هو عمله، وفرضه عمله، لأنه محال أن يكون المؤدى فرضا عليه حرجا بأدائه، فيجوز أن يقال: قد وضعنا عنك فيه الحرج.
وإذ كان ذلك كذلك، وكان الحاج لا يخلو عند من تأول قوله: فلا إثم عليه فلا حرج عليه، أو فلا جناح عليه من أن يكون فرضه النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق، فوضع عنه الحرج في المقام، أو أن يكون فرضه المقام إلى اليوم الثالث، فوضع عنه الحرج في النفر في اليوم الثاني، فإن يكن فرضه في اليوم الثاني من أيام التشريق المقام إلى اليوم الثالث منها، فوضع عنه الحرج في نفره في اليوم الثاني منها، وذلك هو التعجل الذي قيل:
فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه فلا معنى لقوله على تأويل من تأول ذلك: فلا إثم عليه فلا جناح عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه لان المتأخر إلى اليوم الثالث إنما هو متأخر عن أداء فرض عليه تارك قبول رخصة النفر، فلا وجه لان يقال: لا حرج عليك في مقامك على أداء الواجب عليك، لما وصفنا قبل، أو يكون فرضه في اليوم الثاني النفر، فرخص له في المقام إلى اليوم الثالث فلا معنى أن يقال: لا حرج عليك في تعجلك النفر الذي هو فرضك وعليك فعله للذي قدمنا من العلة وكذلك لا معنى لقول من قال: معناه:
فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ولا حرج عليه في نفره ذلك، إن اتقى قتل الصيد إلى انقضاء اليوم الثالث لان ذلك لو كان تأويلا مسلما لقائله لكان في قوله: ومن تأخر فلا إثم عليه ما يبطل دعواه، لأنه لا خلاف بين الأمة في أن الصيد للحاج بعد نفره من منى في اليوم الثالث حلال، فما الذي من أجله وضع عنه الحرج في قوله: ومن تأخر فلا إثم عليه إذا هو تأخر إلى اليوم الثالث ثم نفر؟ هذا مع إجماع الحجة على أن المحرم إذا رمى وذبح وحلق وطاف بالبيت فقد حل له كل شئ، وتصريح الرواية المروية عن رسول الله (ص) بنحو ذلك، التي:
3139 - حدثنا بها هناد بن السري الحنظلي، قال: ثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن حجاج، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة قالت: سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها متى يحل المحرم؟ فقالت: قال رسول الله (ص): إذا رميتم وذبحتم وحلقتم حل لكم كل شئ إلا النساء. قال: وذكر الزهري عن عمرة، عن عائشة، عن النبي (ص)، مثله.