قال: بعث رسول الله (ص) عبد الله بن حذافة بن قيس فنادى في أيام التشريق فقال: إن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله، إلا من كان عليه صوم من هدي.
3106 - وحدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن محمد بن إسحاق، عن حكيم بن حكيم، عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن أمه قالت: لكأني أنظر إلى علي رضي الله عنه على بغلة رسول الله (ص) البيضاء حين وقف على شعب الأنصار وهو يقول: أيها الناس إنها ليست بأيام صيام، إنما هي أيام أكل وشرب وذكر.
فإن قال قائل: إن النبي (ص) إذ قال في أيام منى: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله لم يخبر أمته أنها الأيام المعدودات التي ذكرها الله في كتابه، فما تنكر أن يكون النبي (ص) عنى بقوله: وذكر الله: الأيام المعلومات؟ قيل: غير جائز أن يكون عنى ذلك، لان الله لم يكن يوجب في الأيام المعلومات من ذكره فيها ما أوجب في الأيام المعدودات، وإنما وصف المعلومات جل ذكره بأنها أيام يذكر فيها اسم الله على بهائم الانعام، فقال: ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فلم يوجب في الأيام المعلومات من ذكره كالذي أوجبه في الأيام المعدودات من ذكره، بل أخبر أنها أيام ذكره على بهائم الانعام. فكان معلوما إذ قال (ص) لأيام التشريق: إنها أيام أكل وشرب وذكر الله فأخرج قوله: وذكر الله، مطلقا بغير شرط ولا إضافة، إلى أنه الذكر على بهائم الانعام، أنه عنى بذلك الذكر الذي ذكره الله في كتابه، فأوجبه على عباده مطلقا بغير شرط ولا إضافة إلى معنى في الأيام المعدودات. وأنه لو كان أراد بذلك (ص) وصف الأيام المعلومات به، لوصل قوله: وذكر، إلى أنه ذكر الله على ما رزقهم من بهائم الانعام، كالذي وصف الله به ذلك ولكنه أطلق ذلك باسم الذكر من غير وصله بشئ، كالذي أطلقه تبارك وتعالى باسم الذكر، فقال: واذكروا الله في أيام معدودات فكان ذلك من أوضح الدليل على أنه عنى بذلك ما ذكره الله في كتابه وأوجبه في الأيام المعدودات.
القول في تأويل قوله تعالى: فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معناه: فمن تعجل في يومين من