2573 - حدثني به المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فهذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل، وليس لهم سلطان يقهر المشركين، وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى، فأمر الله المسلمين من يجازي منهم أن يجازي بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو فهو أمثل فلما هاجر رسول الله (ص) إلى المدينة، وأعز الله سلطانه أمر المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم، وأن لا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فمن قاتلكم أيها المؤمنون من المشركين، فقاتلوهم كما قاتلوكم. وقالوا: نزلت هذه الآية على رسول الله (ص) بالمدينة وبعد عمرة القضية. ذكر من قال ذلك:
2574 - حدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فقاتلوهم فيه كما قاتلوكم.
وأشبه التأويلين بما دل عليه ظاهر الآية الذي حكي عن مجاهد، لان الآيات قبلها إنما هي أمر من الله للمؤمنين بجهاد عدوهم على صفة، وذلك قوله: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم والآيات بعدها، وقوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه إنما هو في سياق الآيات التي فيها الامر بالقتال والجهاد، والله جل ثناؤه إنما فرض القتال على المؤمنين بعد الهجرة فمعلوم بذلك أن قوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم مدني لا مكي، إذ كان فرض قتال المشركين لم يكن وجب على المؤمنين بمكة، وأن قوله: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم نظير قوله:
وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم وأن معناه: فمن اعتدى عليكم في الحرم فقاتلكم فاعتدوا عليه بالقتال نحو اعتدائه عليكم بقتاله إياكم، لأني قد جعلت الحرمات قصاصا، فمن استحل منكم أيها المؤمنون من المشركين حرمة في حرمي، فاستحلوا منه مثله فيه.
وهذه الآية منسوخة بإذن الله لنبيه بقتال أهل الحرم ابتداء في الحرم وقوله: وقاتلوا المشركين كافة... على نحو ما ذكرنا من أنه بمعنى المجازاة واتباع لفظ لفظا وإن