على هذا المدعى، أما الذين تعبدونهم من دون الله فماذا عملوا؟ وماذا صنعوا؟
وبالرغم من أن ضلالكم واضح هنا في هذه الدنيا، إلا أنه سيتضح بصورة أكثر في الدار الآخرة. أو أن هذا الضلال وبطلان دعاواكم الفارغة ستظهر في هذه الدنيا عندما ينتصر الإسلام بالإمدادات الإلهية على جيش الكفر بشكل إعجازي وخارق للعادة، عندئذ ستتبين الحقيقة أكثر للجميع.
إن هذه الآية - في الحقيقة - نوع من المواساة للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين، كي لا يظنوا أو يتصوروا أنهم وحدهم في هذا الصراع الواسع بين الحق والباطل، حيث أن الرحمن الرحيم خير معين لهم ونعم الناصر.
ويقول تعالى في آخر آية، عارضا لمصداق من رحمته الواسعة، والتي غفل عنها الكثير من الناس: قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين.
إن للأرض في الحقيقة قشرتين متفاوتتين: (قشرة قابلة للنفوذ) يدخل فيها الماء، واخرى (غير قابلة للنفوذ) تحفظ بالماء، وجميع العيون والآبار والقنوات تولدت من بركات هذا التركيب الخاص للأرض، إذ لو كانت القشرة القابلة للنفوذ لوحدها على سطح الكرة الأرضية جميعا ولأعماق بعيدة، فإن جميع المياه التي تدخل جوف الأرض لا يقر لها قرار، وعندئذ لا يمكن أن يحصل أحد على قليل من الماء. ولو كانت قشرة الأرض غير قابلة للنفوذ لتجمعت المياه على سطحها وتحولت إلى مستنقع كبير، أو أن المياه التي تكون على سطحها سرعان ما تصب في البحر، وهكذا يتم فقدان جميع الذخائر التي هي تحت الأرض.
إن هذا نموذج صغير من رحمة الله الواسعة يتعلق بموت الإنسان وحياته.
" معين " من مادة (معن)، على وزن (طعن) بمعنى جريان الماء.
وقال آخرون: إنها مأخوذة من (عين) والميم زائدة. لذا فإن بعض المفسرين ذهبوا إلى أن معنى (معين) تعني الماء الذي يشاهد بالعين بغض النظر عن جريانه.