يمشي سويا على صراط مستقيم.
فهنا شبه المعاندين والمغرورين كمن يسير في جادة متعرجة غير مستوية كثيرة المنعطفات وقد وقع على وجهه، يحرك يديه ورجليه للاهتداء إلى سبيله، لأنه لا يبصر طريقه جيدا، وليس بقادر على السيطرة على نفسه، ولا بمطلع على العقبات والموانع، وليست لديه القوة للسير سريعا، وبذلك يتعثر في سيره.. يمشي قليلا ثم يتوقف حائرا.
كما شبه المؤمنين برجال منتصبي القامات، يسيرون في جادة مستوية ومستقيمة ليس فيها تعرجات واعوجاج، ويمشون فيها بسرعة ووضوح وقدرة ووعي وعلم وراحة تامة.
إنه - حقا - لتشبيه لطيف فذ، حيث إن آثار هذين السبيلين واضحة تماما، وانعكاساتها جلية في حياة هذين الفريقين، وذلك ما نلاحظه بأم أعيننا.
ويرى البعض أن مصداق هاتين المجموعتين هما: (الرسول الأكرم) و (أبو جهل) فهما مصاديق واضحة للآية الكريمة، إلا أن ذلك لا يحدد عمومية الآية.
وذكرت إحتمالات متعددة في تفسير (مكبا على وجهه). إلا أن أكثر الاحتمالات المنسجمة مع المفهوم اللغوي للآية هو ما ذكرناه أعلاه، وهو أن الإنسان غير المؤمن يكون مكبا على وجهه ويمشي زاحفا بيده ورجليه وصدره.
وقيل أن المقصود من (مكبا) هو المشي الاعتيادي ولكنه مطأطئ الرأس لا يشخص مسيره بوضوح أبدا.
كما يرى آخرون أن المقصود ب (مكبا) هو الشخص الذي لا يستطيع أن يحفظ توازنه في السير، فهو يخطو خطوات معدودة ثم ما يلبث أن يسقط على الأرض وينهض ليمشي، ثم تتكرر هذه الحالة.
ويستفاد مما ذكره الراغب في مفرداته أن المقصود ب (مكبا) هو الشخص الذي يدور حول محور الذات والأنانية، معرضا عن الاهتمام بغيره.