(التوحيد الأفعالي) وإنما بدأ بذكر المصائب باعتبارها هي التي يستفهم عنها الإنسان دائما وتشغل تفكيره. وعندما نقول يقع ذلك بإرادة الله، فإنما نعني " الإرادة التكوينية " لا الإرادة التشريعية.
وهنا يطرح سؤال مهم وهو: إن كثيرا من هذه الحوادث والكوارث التي تنزل بالناس تأتي من ظلم الظالمين وطغيان الجبابرة، أو أن الإنسان يبتلي بها بسبب الغفلة والجهل والتقصير... فهل أن ذلك كله بإذن الله؟
للإجابة على هذا السؤال نرجع إلى مجموع الآيات التي وردت في هذا المجال، فنلاحظ أنها عرضت المصائب على نوعين:
الأول: ما يكون جزءا من طبيعة تكوين الإنسان كالموت والحوادث الطبيعية الأخرى، وهذه لا يستطيع الإنسان أن يدفعها عنه، فيقرر القرآن الكريم بأن ذلك يقع بإذن الله.
الثاني: هو تلك المصائب التي تأتي من تقصير الإنسان ومن عمل يده، وله الدور الأساسي في تحققها، وهذه يقول القرآن: إنها تصيبكم بسبب أعمالكم.
وبناء على ذلك فليس للإنسان أن يستسلم للظلم والجهل والفقر.
ومن البديهي أن إرادة الله تتدخل في جميع الأمور حتى تلك الخاضعة لإرادة الإنسان وفعله، إذ لا تأثير لجميع الأسباب إلا بإذنه، وكل شئ خاضع لإرادته وسلطانه، ويبشر القرآن المؤمنين بقوله: ومن يؤمن بالله يهد قلبه.
فالمؤمن لا تهزمه المصائب ولا ييأس ولا يجزع. والله يهدي الإنسان حينما يكون شكورا لنعمه، صابرا على بلائه، مستسلما لقضائه.
ولهداية القلوب معاني كثيرة منها (الصبر) و (التسليم) و (الشكر) و (الرضي) وقول: إنا لله وإنا إليه راجعون وعندما يذكر المفسرون أحد هذه الأمور، فإنما يريدون بيان مصداق من مصاديق الآية لا معناها الكلي.
وتقول الآية في نهاية المطاف والله بكل شئ عليم.