والأولاد) من أهم وسائل الامتحان والابتلاء، لأن جاذبية الأموال من جهة، وحب الأولاد من جهة أخرى يدفعان الإنسان بشدة إلى سلوك طريق معين قد لا يكون فيه رضا الله تعالى أحيانا، ويقع الإنسان في بعض الموارد في مضيقة شديدة، ولذلك ورد التعبير في الآية " إنما " التي تدل على الحصر.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية عنه " لا يقولن أحدكم: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن فإن الله سبحانه يقول: واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة " (1).
يلاحظ نفس هذا المعنى مع تفاوت يسير في الآية 28 سورة الأنفال.
وعن كثير من المفسرين والمؤرخين (كان رسول الله يخطب فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله إليهما فأخذهما فوضعهما في حجره على المنبر وقال: " صدق الله عز وجل: إنما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما. ثم أخذ في خطبته " (2).
إن قطع الرسول لخطبته لا يعني أنه غفل عن ذكر الله، أو عن أداء مسؤوليته التبليغية، وإنما كان على علم بما لهذين الطفلين من مقام عظيم عند الله، ولذا بادر إلى قطع الخطبة ليبرز مدى حبه واحترامه لهما.
إن عمل الرسول هذا كان تنبيها لكل المسلمين ليعرفوا شأن هذين الطفلين العظيمين ابني علي وفاطمة. فقد ورد في حديث نقلته المصادر المشهورة أن البراء بن عازب (صحابي معروف يقول: رأيت الحسن بن علي على عاتق النبي وهو يقول: " اللهم إني أحبه فأحبه " (3).