قدمت الكثير من الأموال في سبيل الله وأعانت الإسلام في المجهود الحربي، وواضح أن كلمة (قبل) تعني الإنفاق في مشارف هذا الفتح وليس في بداية الإسلام وقبل إحدى وعشرين سنة.
يجدر الانتباه إلى أن بعض المفسرين يصرون على أن الإنفاق أفضل من الجهاد، وذلك انسجاما مع رأيهم السابق، ويدللون على صحته من خلال ما ورد في الآية أعلاه من تقديم الإنفاق المالي على الجهاد باعتبار أن الوسائل والمقدمات والآلات الحربية، تتهيأ بواسطته. إلا أن مما لا شك فيه أن بذل النفس والتهيؤ للشهادة أعلى وأفضل من الإنفاق المالي.
وعلى كل حال، بما أن القسمين (الإنفاق والجهاد) مشمولان بعناية الحق تعالى مع اختلاف الدرجة، فيضيف في النهاية وعد الله الحسنى.
وهذا تقدير لعموم الأشخاص الذين ساهموا في هذا الطريق.
وكلمة (حسنى) لها مفهوم واسع، حيث تشمل كل ثواب وجزاء وخير في الدنيا والآخرة.
ولكون قيمة العمل بإخلاصه لله سبحانه فيضيف في نهاية الآية: والله بما تعملون خبير.
نعم، إنه يعلم بكيفية وكمية أعمالكم. وكذلك نياتكم ومقدار خلوصكم.
ولغرض الحث على ضرورة الإنفاق في سبيل الله، ومن خلال تعبير رائع يؤكد سبحانه ذلك في الآية مورد البحث بقوله: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فينفق مما آتاه الله في سبيل الله فيضاعفه له وله أجر كريم.
إنه تعبير عجيب حقا، حيث إن الله الواهب لكل النعم وجميع ذرات وجودنا - هي من بحر فيضه اللامتناهي. وبالإضافة إلى أننا عبيد له يعبر عنا بأننا أصحاب الأموال، ويدعونا لإقراضه ضمن شروط مغرية، حيث أن السائد أن الديون العادية تسترجع بنفس مقاديرها، إلا أنه سبحانه - بفضل منه - يضاعفها لنا بالمئات