الكفر والجهل والضلال ويشرق شمس الوعي والإيمان في النفوس، والذي هو رحمة ونعمة إلهية عظيمة.
أما التعبير ب لرؤوف رحيم فهو إشارة لطيفة إلى حقيقة أن هذه الدعوة الإلهية العظيمة إلى الإيمان والإنفاق تمثل مظهرا من مظاهر الرحمة الإلهية التي جاءت إليكم جميعا، كما أن جميع بركاتها في هذا العالم والعالم الآخر ترجع إليكم.
وسؤال يثار هنا وهو: هل يوجد اختلاف بين (الرؤوف) وبين (الرحيم)؟ وما هي خصوصيات كل منهما؟
ذكر المفسرون في ذلك آراء، والمناسب من بين كل الآراء التي ذكرت هو: أن كلمة (رؤوف) جاءت هنا إشارة إلى محبته ولطفه الخاص بالنسبة إلى المطيعين، في حين أن كلمة (رحيم) إشارة إلى رحمته بخصوص العاصين.
قال البعض: إن " الرأفة " تقال للرحمة قبل ظهورها، و " الرحمة " تعبير يطلق على الحالة بعد ظهورها.
ثم يأتي استدلال آخر على ضرورة الإنفاق حيث يقول تعالى: وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله، ولله ميراث السماوات والأرض أي أنكم سترحلون عن هذه الدنيا وتتركون كل ما منحكم الله فيها، وتذهبون إلى عالم آخر، فلماذا لا تستفيدون من هذه الأموال التي جعلها الله تحت تصرفكم بتنفيذ أمره بالإنفاق؟.
(ميراث) في الأصل - كما قال الراغب في المفردات - هي الأموال التي تنتقل للإنسان بدون إتفاق مسبق، وما ينتقل من الميت إلى ورثته هو أحد مصاديق ذلك، ولكن لكثرة استعمالها بهذا المعنى يتداعى لسامعها هذا المعنى عند إطلاقها.
وجملة لله ميراث السماوات والأرض بمعنى ليست جميع الأموال والثروات الموجودة فوق الأرض، بل كل ما هو في السماء والأرض وعالم الوجود يرجع إليه، حيث تموت جميع الخلائق والله سبحانه هو الوارث لها