كنتم مغمورين في تصوراتكم وتعيشون في عالم الوهم والخيال، واستولت عليكم أمنية الوصول إلى الشهوات والأهداف المادية.
5 - وغركم بالله الغرور إن الشيطان غركم بوساوسه في مقابل وعد الله عز وجل، فتارة صور لكم الدنيا خالدة باقية واخرى صور لكم القيامة بعيدة الوقوع. وفي بعض الأحيان غركم بلطف الله والرحمة الإلهية، وأحيانا جعلكم تشكون في أصل وجود الله العظيم الخالق.
هذه العوامل الخمسة هي التي فصلت خطكم عنا بصورة كلية وأبعدتنا عنكم وأبعدتكم عنا.
" فتنتم " من مادة (فتنة) جاءت بمعاني مختلفة ك (الامتحان والانخداع، والبلاء والعذاب، والضلالة والانحراف، والشرك وعبادة الأصنام) والمعنيان الأخيران هنا أنسب أي الضلال والشرك.
" تربصتم " من مادة (تربص) في الأصل بمعنى الانتظار، سواء كان انتظار البلاء والمصيبة أو الكثرة والنعمة، والمناسب الأكثر هنا هو انتظار موت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وانتكاسة الإسلام، أو أن الانتظار بمعنى التعلل في التوبة من الذنوب وإنجاز كل عمل من أعمال الخير.
" وارتبتم " من مادة (ريب) تطلق على كل شك وترديد وما سيتوقع فيما بعد، والمعنى الأنسب هنا هو الشك بالقيامة أو حقانية القرآن الكريم.
وبالرغم من أن مفهوم الكلمات المستعملة في الآية واسع، إلا أن من الممكن أن تكون لبيان المسائل المذكورة بالترتيب، من مسألة " الشرك " وانتظار " نهاية عمر الإسلام والرسول " ومن ثم " الشك في المعاد " الذي يؤدي إلى " التلوث العملي " عن طريق " الإنخداع بالأماني " والشيطان، وبناء على هذا فالجمل الثلاث الأولى من الآية ناظرة إلى الأصول الثلاثة للدين، والجملتان الاخريتان بعدهما ناظرتان إلى فروع الدين.