المسلمين، فإن المؤمنين الصادقين، وأصحاب رسول الله المخلصين آمنوا بهذا المنهج وثبتوا عليه، والله تعالى بشر هؤلاء ألا يحزنوا، لأن الثواب هو جزاؤهم بالإضافة إلى أن هذه الحالة سوف لن تستمر طويلا، حيث يقول سبحانه: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة.
ويتحقق هذا الوعد وتصدق البشارة في السنة الثامنة للهجرة حيث من الله على المسلمين بفتح مكة، ودخل أهلها جماعات جماعات في دين الإسلام الحنيف، مصداقا لقوله تعالى: يدخلون في دين الله أفواجا وعند ذلك تتبدد غيوم الظلمة والعداء والعناد من سماء حياتهم، وتشرق نفوسهم بنور الإيمان وحرارة الود وأجواء المحبة والصداقة.
بعض المفسرين اعتبر هذه الآية إشارة إلى زواج الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من (أم حبيبة بنت أبي سفيان) التي كانت قد أسلمت وصحبت زوجها " عبيد الله بن جحش " (1) في هجرته للحبشة مع المهاجرين ومات زوجها هناك، فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شخصا إلى النجاشي وتزوجها، ولأن الزواج بين القبائل العربية كان له تأثير في تضييق دائرة العداء وبناء جسور المودة بينهم، وهذه المسألة كان لها تأثير إيجابي على أبي سفيان وأهل مكة.
إلا أن هذا الاحتمال مستبعد، لأن هذه الآيات نزلت عندما كان المسلمون على أبواب فتح مكة، ولأن " حاطب بن أبي بلتعة " كان يروم من إرسال رسالته إلى مشركي مكة إحاطتهم علما بعزم الرسول على فتح مكة، في الوقت الذي نعلم أن " جعفر بن أبي طالب " وأصحابه رجعوا إلى المدينة قبل فتح مكة (فتح خيبر) (2).