تسلسل الخلقة والتصوير، وكذلك البحث في موضوع القدرة والحكمة الإلهية.
وبهذه الصورة فإن هذه الآيات تأخذ بيد السائرين في طريق معرفة الله، وتقودهم من درجة إلى درجة ومن منزل إلى منزل، حيث تبدأ الآيات أولا بالحديث عن ذاته المقدسة، ومن ثم إلى عالم الخلقة، وتارة أخرى بالسير نحو الله تعالى، حيث ترتفع روحيته إلى سمو الواحد الأحد، فيتطهر القلب بالأسماء والصفات الإلهية المقدسة، ويربى في أجواء هذه الأنوار والمعارف، حيث تنمو براعم التقوى على ظاهر أغصان وجوده، وتجعله لائقا لقرب جواره لكي يكون وجودا منسجما مع كل ذرات الوجود، مرددين معا ترانيم التسبيح والتقديس.
لذا فلا عجب أن تختص هذه الآية بصورة متميزة في الروايات الإسلامية التي سنشير إليها فيما يلي..
* * * 2 ملاحظتان 3 1 - التأثير الخارق للقرآن الكريم إن لتأثير القرآن الكريم في القلوب والأفكار واقعية لا تنكر، وعلى طول التاريخ الإسلامي لوحظت شواهد عديدة على هذا المعنى، وثبت عمليا أن أقسى القلوب عند سماعها لآيات محدودة من القرآن الكريم تلين وتخضع وتؤمن بالذي جاء بالقرآن دفعة واحدة، اللهم عدا الأشخاص المعاندين المكابرين فقد استثنوا من ذلك حيث طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون، وليس هنالك من أمل في هداية نفوسهم المدبرة عن الله سبحانه.
ونقرأ في الآيات أعلاه العرض الرهيب الذي يصور نزول القرآن على جبل، وما هو الأثر سيحدثه حيث الخضوع والتصدع والخشوع، وهذه كلها دليل تأثير هذا الكلام الإلهي الذي نحس بحلاوة طعمه عند التلاوة المقرونة بحضور القلب.