واعتبرت جزء لها، فتكون الفاتحة نزلت للثناء والحمد الإلهي من غير نظر إلى خصوصيات البسملة، لأنها كلمة مستقلة مشتركة فيها سائر السور، فلابد من كون سورة الفاتحة واجدة لتوصيفه تعالى بالرحمن والرحيم، فعلى هذا تنحل المعضلة وتزول المشكلة، من غير حاجة إلى ذكر تلك الوجوه الباردة أو غير الباردة.
ومما يؤيد ذلك: أن سورة الفاتحة من ابتداء الحمد إلى توجيه الخطاب بعنوان إياك نعبد، تكون جملة واحدة، والبسملة خارجة عنها، وهي جملة مستقلة أخرى، وكأنها خارجة عن تركيب الفاتحة وأسلوبها، وإن كانت جزء لها اعتبارا وملتحقة بها ثانيا، كما لا يخفى.
إن قلت: هذا ينافي ما ورد عن الأئمة المعصومين - عليهم صلوات المصلين - من أن البسملة أعظم آية، وسرقوا أعظم آية (1)، وأنها آية من السبع المثاني (2)، وغير ذلك.
قلت: كلا، فإن هذه الأخبار لا تدل على أكثر من جزئيتها لها، وما هو مقصودنا هو أنها ليست في النزول والتركيب والأسلوب داخلة في الفاتحة، بل هي آية مستقلة في جميع السور وجزء لها، ولكنها خارجة عن أسلوبها وتركيبها، ولذلك لا يكون بينها وبين كثير من السور تناسب ظاهر، كقوله تعالى: * (بسم الله الرحمن الرحيم * إنا أعطيناك الكوثر) * أو * (قل أعوذ برب الفلق) * وأمثاله، وهكذا، فلا تكن من الخالطين، ولا من الداخلين