وهذا يتم على قراءة الرفع بكون " الرحمن " مبتدأ، و " الرحيم " صفة، و " مالك يوم الدين " خبره، وهذا خلاف السياق قطعا، ولا يناسب خطابه بعد ذلك * (إياك نعبد) *، ضرورة أن عبودية العبد هنا بعد الإقرار بأن الحمد لله، ويكون المحمود ذا أوصاف كثيرة، وهي الربوبية والرحمانية والمالكية، وتكون تلك الجمل ناقصة وأوصافا لله تعالى في قوله:
* (الحمد لله) *.
السادس: أن " الرحمن " تارة يستعمل علما، كما في البسملة على ما عرفت وجهه، وأخرى يستعمل صفة، وهو هنا، فلا تكرار، بل هو من الاشتراك اللفظي في وجه، وأما " الرحيم " فهو كأنه تتمة لكلمة الرحمن، ولذلك يذكران معا كثيرا.
وفيه: أن " الرحمن " إذا أمكن أن يعتبر وصفا فهو هكذا في البسملة، ومجرد إمكان كونها علما فيها أو تقوية علميته فيها، لا يكفي لحل هذه المشكلة.
السابع: ما أشرنا إليه في الفائدة الأولى، وهو أن موصوفهما في الأول هو الاسم، وفي الثاني هو الذات، فلا يلزم التكرار.
وأنت خبير بأن ذلك لا يكفي لجواز التكرار.
الثامن: أن التكرار غير جائز إلا للفائدة، وهو هنا بيان أن الحق الأول عز اسمه، رحمان رحيم بعباده، وأن تلك الرحمة والمرحمة كثيرة وغالبة على الغضب والانتقام، ويشهد لتمام رحمته وشدة رأفته القضايا والحكايات الكثيرة، بل شاهده جميع مراحل الوجود ومظاهره، تعطي سعة رحمته ونهاية لطفه بعباده وخلقه، بل المقرر عنا: أن ناره وجحيمه أيضا