وفيه: ما لا يخفى، فإن المبالغة غير التأكيد، فكان ينبغي أن يقول:
هما للتأكيد لما فيه من التأكيد اللفظي بتكرار اللفظ، ولكنه ساقط أيضا، لما أن المتعارف في التأكيد إتيان الثاني عقيب الأول بلا فصل، فلا يمكن حمل كلامه تعالى على الشذوذ والندرة.
الرابع: أن " الرحمن " و " الرحيم " في الأول من صفات الذات على التقريب الذي مر تفصيله، فيكون هو تعالى بذاته الرحمن وبذاته الرحيم، لأن تلك الرحمة هي الوجود المستلزم لخروج الماهيات عن كتم الأعدام إلى منصة الوجود والظهور، وهو تعالى أصل الوجود والظهور، وهما في الثاني من صفات الأفعال، بقرينة تبعيتهما في الأول للذات، وهنا للرب الذي هو من أسماء الأفعال، كما لا يخفى.
وفيه: أيضا - مضافا إلى ما مر - أن الرحمن من الأسماء الإلهية، أو من أسماء الذات باعتبار صفة الرحمة التي هي عين الذات، من غير فرق بين موارد استعمالها، بل كون " الرحيم " من صفات الذات يحتاج إلى مؤونة زائدة، وهي دعوى الاتحاد، فلا تغفل.
الخامس: أن يكون التكرار للتوطئة، وهو أن المتكلم - بعد الفراغ عن توصيف الذات بالرحمة الرحمانية - انتقل إلى أن المستمع ربما يتجرأ على مولاه بأخذ السبيل الباطل، فقال: الرحمن الرحيم الذي أشرنا إليه ومدحناه، هو مالك يوم الدين، فلا تغتر برحمته، ولا تسهو عن غضبه وملوكيته ليوم الجزاء في الآخر والمنتهى (1).