معنى الرب، ولذلك يقال: إن زيدا - مثلا - ما قصر في تربية ابنه، ولكنه ما كان قابلا لذلك.
ويؤيد ذلك - في نفي إعدادية أفعال الغير، فضلا عن الاستقلال والإفاضة - قوله تعالى: * (أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون) * (1)، مع أن الزارع هو الفلاح الذي يبسط الزرع، ولذلك اشتهر: أن الزرع للزارع ولو كان غاصبا، ولو كان الزارع هو الله تعالى لكان الزرع له، فليتأمل جدا.
والذي هو التحقيق: أن الإعدادية - أيضا - ذات جهتين: جهة كمال وجهة نقص، وليست العلل الإعدادية إلا معاليل فعلية للعلل الحقيقية، وتكون إعداديتها باعتبار المعلول الآخر المتأخر المترتب عليه، فتلك الصورة المعدة مفاضة من الغيب أيضا، وإذا كانت إرادة الفاعل وفاعلية سائر الفواعل فانية في تلك الإرادة، وظل تلك الفاعلية، يصح أن يقال بانحصار الربوبية الحقيقية في حضرته الربوبية تعالى وتقدس.
وإن شئت قلت: إذا انضم الوجدان إلى هذه الآية الكريمة، يحصل المذهب الوسط والطريقة العليا، فإن الوجدان حاكم بأن هذه العلل لها الدخالة في الربوبية، وهي العلل للتربية، والبرهان والقرآن يناديان بأن الواجب عز اسمه باسط اليد، وغلت أيدي من يقول بخلافه.
فإذا لابد من الجمع بين هذه الشواهد، فتصير النتيجة أمرا بين الأمرين، نفي استقلالية الفواعل وإثبات تبعيتها في العوامل، وهو الحد المتوسط والصراط المستقيم.