العقلية ومباحث القانون والأحكام التشريعية والاعتبارية، فكما أن هناك استلزم ذلك الغلط أغلاطا غير عزيزة، كذلك فيما نحن فيه.
ومن العجيب ما قيل في تحرير الكبرى المزبورة من: أنه لو سئل الواضع: هل وضعت لفظة كذا لمعنى كذا، مثل لفظة " الميزان " لما هو المتعارف في الوزن، أو لكل ما يوزن به الشئ؟ لأجاب بالثاني، وهذا شاهد على عموم الموضوع له.
وأنت خبير: بأن الوضع ليس إلا اعتبار أو علقة حصلت من الاستعمال والاعتبار، فإذا اعتبر الواضع في بدو الأمر الميزان لما يوزن به في عصره حسب المتعارف، فلا يكون اللفظ إلا دالا عليه، ومجرد تمايله إلى الأعم وجوابه بالعموم لا يكفي لتوسع نطاق الموضوع له.
فعلى ما تقرر: إطلاق الرحمن عليه تعالى حقيقة إن كان مشتقا من الرحيم، على ما عرفت منا تقريبه وإلا فإطلاقه وإطلاق الرحيم عليه تعالى من المجاز، والالتزام بالاستعمالات المجازية في الكتاب والسنة، ليس من الأمر الغريب ولا من العزيز.
نعم لا بأس بالالتزام: بأن كثرة استعماله في حقه تعالى في الكتاب والسنة وغيرهما، بلغت إلى حد الوضع الثانوي، وهو التعيني، فيكون حقيقة ثانوية.
وغير خفي: أن معنى مجازية إطلاقهما عليه تعالى - بحسب اللغة والوضع - ليس معناه أن حقيقة الرحمة التي وسعت كل شئ، ليست مستندة إليه تعالى بحسب الخارج وفي الأعيان، فإن مسألة الحقائق الحكمية غير مسألة الحقائق اللغوية.