وغيره، لا يرد بهذا، وبما في تفسير ابن حيان وغيره من: أن من ذهب إلى أنهما بمعنى واحد وليسا توكيدا، أراد إثبات اختصاص كل واحد منهما بشئ، مثل اختصاص الأول بالرحمة الدنيوية والثاني بالأخروية (1)، ضرورة أن هذا يستلزم المجازية، بل الغلط، فإن ما هو الموضوع له إن كان واحدا واستعمل في غيره، فهو من المجاز والغلط، فإذا استعملا في معناهما فيحصل التأكيد قهرا وطبعا.
فبالجملة: إذا التزمنا بأن معنى الرحمن والرحيم واحد، ولا تفاوت بينهما مادة وهيئة، فالاختلاف في الأمور الأخر لا يقتضي الخروج عن التأكيد، بل لو كان الكلمة الثانية أعم من الأولى أو أخص، يقع التأكيد بالنسبة إلى الحدود المشتركة، فلو فرضنا أن الرحيم خاص بالمؤمنين أو بالإنسان، والرحمن عام لجميع مراتب الوجود، حتى نقيضه وهو العدم، يحصل التأكيد في الجملة، فليتأمل.
والذي يتوجه عليه: أن وحدة المعنى غير ثابتة، إما لأجل أن الرحمن لقب عبراني، أو هو مشتق من الرحم، أو اعتبر علما واسما بالغلبة. وقد استقرب الاحتمال الثاني والثالث، فيسقط احتمال التأكيد بالمرة.
وربما يستظهر: أن الرحمن الرحيم كندمان ونديم لكثرة الاستعمال معا في الكتاب العزيز صارا لفظة واحدة مفيدة لمعنى واحد بكيفية واحدة مع شمول واحد، ومع كل شئ بلا تجاف وبلا قصور (2).