اللهم إلا أن يقال: بأن الدنيا والآخرة ليستا ظرف مكان وزمان، بل الدنيا والآخرة كل والأفراد والأشياء من أجزائهما، فحينئذ يصح ما ذكرناه فظرفية الدنيا والآخرة اعتبارية، لا واقعية كظرفية الخارج والذهن في قولنا: زيد في الخارج أو في الذهن، فإن الحقيقة هو أن زيدا خارجي وذهني، ومن مراتب الخارج والذهن.
وعلى الثالث أولا: أن الاستثناء في القواعد الأدبية كثير، فقد تقرر في النحو أن أوزان الصفة المشبهة سبعة أو أحد عشر، وهي الأكثر تداولا، وإلا فربما تبلغ إلى سبعين، وليس فيها وزن الفاعل، ولكن يستثنى منه في الأفعال اللازم كطاهر وظاهر، فإنهما ليسا اسمي فاعل، لأنه من المتعدي، وقد ينعكس ويجئ من المتعدي على وزن فعيل كسفير وغيره.
وثانيا: من المحتمل أن يكون " الرحمن " مأخوذا من الرحمة، مدعيا أن الرحمة من الصفات الذاتية الملازمة لعين الذات، ولا تحتاج في هذا اللحاظ إلى المتعلق والطرف، وهو المرحوم، كما تقرر في علم الأسماء أن من الأسماء ما يشترك بين أسماء الذات والصفات والأفعال، وقد مثل ابن العربي تارة بكلمة " رب "، وأخرى بكلمة " صالح " (1)، والتفصيل في مقام آخر.
فالرحمن من الرحمة اللازمة ادعاء، ولذلك لا يحتاج إلى المفعول، وبني على فعلان. وبذلك تنحل الشبهتان كما لا يخفى.
فالمحصول مما قدمناه للحد: أن " الرحمن " تارة يطلق ويكون علما