تعالى، يباين سائر الوجودات تباينا ذاتيا، ووجودات المباليل غير ذاك الوجود وفي مقابله، بحيث يحكم عليه بالأحكام الاستقلالية، وهذا غير صحيح، لا لما قيل: إن مفهوم الوجود الواحد لا ينتزع عن المتباينات (1)، ضرورة أن الوحدة السنخية - كوحدة الماء - مورد تسالم الكل، ولا يريدون أن نسبة الوجود إلى الوجود، كنسبة البقر إلى الفرس. ولكنها خالية عن التحقيق، لما ثبت أن الوجودات المباليل ليست مستقلات في قبال الوجود الواجبي، وإلا يلزم تعدد الوجوب، وإذا كانت هي الفقراء والروابط فليست مستقلات، وإذا كانت غير مستقلات بذواتها ونفس الارتباط إلى ربها، لا يحمل على موضوعاتها على حسب الحقيقة، بل نسبتها إلى الماهيات كنسبة حركة السفينة إلى الجالس فيها.
وقالت طائفة راقية من المشائين، وفيهم شريكنا في الرئاسة أبو علي ابن سينا، قال في " المباحثات ": إن الوجود في ذوات الماهيات لا يختلف بالنوع، بل إن كان اختلاف فيه فبالتأكد والضعف، وإنما يختلف الماهيات بالنوع، وما فيها من الوجود غير مختلف النوع (2).
وقال في " التعليقات ": الوجود المستفاد من الغير كونه متعلقا بالغير هو مقوم له، كما أن الاستغناء عن الغير مقوم لواجب الوجود بذاته والمقوم للشئ لا يجوز أن يفارقه إذ هو ذاتي له (3). انتهى.