وهذا عجيب منهما، وبخاصة الذهبي فإنه ساق الحديث في ترجمة ابن ميمون من مناكيره، وقال: " وقد روى نحو هذا عن ربيعة بن صوحان عن علي، ولم يصح ". وحديث علي يأتي قريبا. وقد صرح الحافظ في " التهذيب " أن هذا الحديث من مناكير شعيب هذا وقال: " وهو معروف برواية الحسن بن عمارة عن واصل بن حيان عن شقيق أبي وائل. والحسن ضعيف ".
قلت: بل متروك..
لكن الطرف الأول من الحديث صحيح، وقد أشار لصحته الإمام البخاري حين أعل به الحديث الذي قبله كما نقلته هناك، فقد روى الإمام أحمد (1 / 130) وابن سعد (3 / 34) عن عبد الله بن سبع قال: سمعت عليا يقول: لتخضبن هذه من هذه... (الحديث) قالوا:
فاستخلف علينا. فقال: لا، ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. الحديث.
ورجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن سبع ويقال: سبيع وهو مجهول كما أشار إلى ذلك الذهبي بقوله: " تفرد عنه سالم بن أبي الجعد ". ومع ذلك وثقه ابن حبان على قاعدته في توثيق المجهولين.
ويشهد له ما روى الأسود بن قيس عن رجل عن علي رضي لله عنه أنه قال يوم الجمل: إن رسول لله (صلى الله عليه وسلم) لم يعهد إلينا عهدا نأخذ به في إمارة، ولكنه شئ رأيناه من قبل أنفسنا، ثم استخلف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، فأقام واستقام، ثم استخلف عمر، رحمة الله على عمر، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجيرانه.
أخرجه أحمد (1 / 114) بإسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير الرجل الذي لم يسمه.
وذكر نحوه في " المجمع " (5 / 175).
ويقويه ما روى عبد خير قال: قام علي رضي الله عنه على المنبر، فذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، واستخلف أبو بكر رضي الله عنه، فعمل بعمله وسار بسيرته حتى قبضه الله عز وجل على ذلك. ثم استخلف عمر رضي الله عنه على ذلك فعمل بعملهما وسار بسيرتهما حق قبضه الله على ذلك.
أخرجه أحمد (1 / 128) و سنده جيد.
ثم رأيت في " المستدرك " (3 / 145) من طريق موسى بن مطير عن صعصعة بن صوحان قال: خطبنا علي رضي الله عنه حين ضربه ابن ملجم، فقلنا: يا أمير المؤمنين استخلف علينا فقال: أترككم كما تركنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قلنا: يا رسول الله استخلف علينا. فقال: إن يعلم الله فيكم خيرا يول عليكم خياركم. قال علي: فعلم الله فينا خيرا فولى علينا أبا بكر رضي الله عنه.