قوله (والعمل على هذا عند بعض أهل العلم يرون من كل شئ صاعا) أي من بر كان أو من غيره (وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق) واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم فرض صدقة الفطر صاعا من طعام والبر مما يطلق عليه اسم الطعام إن لم يكن غالبا فيه كما تقدم وتفسيره بغير البر إنما هو لما تقدم من أنه لم يكن معهودا عندهم فلا يجزئ دون الصاع منه وإليه ذهب أبو سعيد رضي الله عنه وأبو العالية وأبو الشعثاء والحسن البصري وجابر بن زيد والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق كذا في النيل واستدل لهم أيضا بأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع تخالفها في القيمة دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان فلا فرق بين الحنطة وغيرها قلت قولهم هذا هو الأحوط عندي والله تعالى أعلم تنبيه إعلم أن الصاع صاعان حجازي وعراقي فالصاع الحجازي خمسة أرطال وثلث رطل والعراقي ثمانية أرطال وإنما يقال له العراقي لأنه كان مستعملا في بلاد العراق مثل الكوفة وغيرها وهو الذي يقال له الصاع الحجاجي لأنه أبرزه الحجاج الوالي وأما الصاع الحجازي فكان مستعملا في بلاد الحجاز وهو الصاع الذي كان مستعملا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبه كانوا يخرجون صدقة الفطر في عهده صلى الله عليه وسلم وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف والجمهور وهو الحق وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله بالصاع العراقي وكان أبو يوسف يقول بقوله فلما دخل المدينة وناظر الامام مالكا رجع عن قوله وقال بقول الجمهور وقد بسطنا الكلام في هذا باب صدقة الزرع والتمر والحبوب قوله (وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من كل شئ صاع إلا من البر فإنه يجزئ نصف صاع وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك وأهل الكوفة) وهو قول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم قال الحافظ في الدراية منهم أبو بكر رضي الله عنه عند عبد الرزاق من طريق أبي قلابة عن أبي بكر أنه أخرج زكاة الفطر مدين من حنطة وهو منقطع ومنهم عمر رضي الله عنه عند أبي داود والنسائي من طريق عبد العزيز أبي داود عن
(٢٨٠)